و قد بلغت من الكبر عتيا..

نشرت بمجلة احسان - مركز تمكين ورعايه كبار السن "احسان"- 


حياة توفر لنا خيارات، ولا نعلم أين يأخذنا القدر؟، ونسعى نحن لأن نطرح الكثير من التســاؤلات (لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟)، والاختيارات  تكون أحيانا شحيحة وغير مبررة، ولا نلتفت لها، وقد تفوتنا بعض الفرص، ونحزن على كل هذا، ولكن يأتي العوض بشــكل ملفت، يأتي جماعة وليس فرادى. هكــذا هي حياتنا تحدد الخيارات أمامنا، وتفتح لنا الأفق في مرات أخــرى، هذه هي تجربتي عندما اختــرت أن أنتقل إلى مركز تمكين ورعاية كبار الســن "إحســان" بعد ســنوات من الخبرة في المجــال الإعلامي،كنت مراســلة صحفيــة يوًما مــا، أغطي لمركز إحســان في بداياته كمؤسســة قطــر لرعاية المســنين، وانتقلت بين برامجه وفعالياته، وكم التقطت تلك النظــرات الودودة من المنتســبين من الرعاية الداخليــة، وكيف كنا ننقــل عنهم الأمل وأحيانا الألم، ونتابعهم عن قرب في دار الإيواء، وبين أزقة المركز كنت أبحث عن خبر، أو تقرير فكانت التجربة التي قوتني كثيرا. 


مع الأيــام نتحرر من القيود العاطفيــة، ونميل إلى العقلانية، ورغــم التحديات نقوم بعمــل الواجب وننقل الرســالة بما تحمله مــن صدق، ومشــاعر، وبما تحملــه من قوة أو ضعــف، لكن ما بين النقائض هناك فرجة مــن الأمل والحياة والتجدد، ولا بأس أحيانا من المرارة والفقد والحزن؛ حتى نشــعر بكل شــيء ونتعايش مع الواقع والوقائع.

انتقالي لمركز تمكين ورعاية كبار السن غّير مفاهيمي بشكل إيجابي نحو الشيخوخة النشــطة، لأننا سنكون يوما بأعمارهم إن شاء الله، فهم الآن مصدر إلهام، وتحد وقوة، مصدر للخبرة والثبات، وســأكون يوما في مقــام (أم من ذوي الخبرة) وأســاهم بالقليل

البسيط من امتداد خبراتي لمن هم أقل عمرا وخبرة وثقافة. 

الانتقال هــذا أعطاني قــوة، ومكنني من النظــر لهذا المركز الصغير في حجمــه الكبير في تحدياته وخدماتــه، والذي لم يعد داًر الإيواء بل لتمكين المهارات والرعايــة وألهمني أن أمد يد العون لكل كبير سن.

وأن أدرك تماًما أن العجز واليأس غير مرتبط البتــة بالعمر، وأن الحياة تتجدد كثيرا كل يوم إذا رغبنا في ذلك، لأننا نحن من نزرع شــتلات الحــب، والعطاء اللا محــدود حولنا من اليوم وحتى آخر يوم في أعمارنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشغف الشعوري !

أأنت عربي: “yes”

"إنما صنعوا كيد ساحر"