الشغف الشعوري !
هل الشغف شيء حقيقي متجدد، نابض لا يفنى أو يموت؟
هل الاشتعال مطلب أساسي لاستدامة المشاعر، والأفكار، والتوجهات، والاستمرار في العطاء اللامحدود؟
هذه التساؤلات تشغلني اليوم وكل يوم وأشعر أن النضوج الفكري يقلل من وميض الشغف كيف؟
لأنني أرى من وجهة نظري الشخصية أن الشغف دافع، وقد يكون هذا الدافع مؤقت أحيانا أو مستمر لدرجة أنه قد تنعزل عن المحيط كله من أجل تحقيقه، فالشغف أكثر ارتباطا بالأحلام وإن تحولت بعد ارتكاز الهواية إلى ممارسات وواقع.
أحيانا نعيش هذا الشعور تحديدا، الخواء الفكري أو الانتماء لأي قضية معينة نتبناها وأن نجعلها هاجسا يؤرقنا في منامنا ويدفعنا إلى حافة الجنون لتحقيقه، ولكن كلما تقدمنا في العمر نبتعد عن الأحلام والشغف، ونبدأ فعليا ببلورة محيطنا، والاطلاع عن قرب أو بُعد عن المشاهد الحياتية المستمرة.
مثال: كم أعشق الكتابة وأشعر أنني أذوب فعليا إذا لم أمارس هذه الهواية كل يوم وبشكل مكثف في حين، ولكن وسط هذا الاندفاع يتوقف اندفاع المشاعر، يبدأ قلمي بالتحليل أكثر واللجوء إلى الصمت وأن أنظر إلى ما أكتب بعين الناقد لا المحب، وأشعر بالارتباك وقت غياب الفتيل الشعوري، وكأني أملك السيطرة التامة على مشاعري ألا تندلق، وأتوقف من حيث بدأت وأنا أكتم أكثر وأراقب المشهد.. وأحاول أن أبتعد عن كل الملهيات، وبعدها أكتب، ولم أشعر بتفوق الشغف في هذه المرحلة، بل هو دافع حقيقي وحب.
الكاتب يحتاج أن يتجدد ويتوحد مع ذاته ولا بأس من الانفصال الروحي، حتى يستطيع أن يخلق هاله شعوريه بينه وبين ذاته وحتى يستطيع ممارسة ما بدأه بلا شغف يذكر، فقط مجموعة من الأفكار تتوارد إلى ذهنه ويصيغها كما هو حالي وأنا أكتب هذا المقال.. لنصل في النهاية إلى نهاية مغلقه أو مفتوحة وأحيانا نطرح الكثير من الأسئلة التي لا تحتاج إلى إجابه، ممكن فقط لكونها لزمه كتابيه يمارسها الكاتب، أو جزء من فكرة أو بهدف الإدهاش والامتاع للقارئ وهذا الأرجح بالنسبة لي.
أتعجب حقيقة من بعض التصريحات لأحد الشعّار أو الكُتّاب عندما يستغل الحب ويعيش تفاصيله لأجل نص، أو قصيدة أو لمطلع رواية، رغم أن هذا النوع من القصص يحتاج الى شخصين وعالم من التفاصيل والأماكن والعطور والاغاني والكثير من الشوق والحسرة، المعاناة والفراق والتباكي على الأطلال أحيانا، الغريب أنهم يستخدمون الحب كأداة قوية للانطلاق والإلهام ومن ثم ليحصل على القفزات الشعورية في العلاقة والفضول الذي لا يتوقف عند هذا الحد، بل يصبح إدمانا ولكن باسم "الشغف" لإشعال الحب وتبرير التعدد بالعلاقات.. والغريب أحيانا أن الوضع لا يحتاج إلى إجتهاد وبناء علاقة واضحة المعالم فقط، يتم استغلال الشرارة الأولى حتى يتولد الشغف!
بالتالي الشغف خلق لنصاب بالعجز أحيانا، فعلينا أن نحذر من الاندفاع خلف بعض المصطلحات، دون أن نبالي أو ندرك أن هناك التزامات شعورية وشعور إنساني يحتاج إلى انسانيتك ككاتب أو شاعر أو محب، الأهم أن تستمر وتيره العلاقات بأقل الخسائر الممكنة، نستطيع أن نقيسها على أنفسنا، وبين أهالينا، ولا بأس أن نتوهج ونحب ويملؤنا الشغف في مراحل عمرية محدده، وأن يستمر الوعي الأخلاق في الحفاظ على الانضباط الشعوري وتقييد الشغف بفكر واع وأفكار متجددة وأن لا نرهق أنفسنا بالتفكير في إشعال الشغف، أكثر من كوننا أصحاب رسالة واضحة المعالم ولها تأثير إيجابي، وأن لأنفسنا حق في الحياة بلا ضغوط مبهمة أو مجهولة المصدر.
تعليقات
إرسال تعليق