رفقاً بالصامتون
يعيشون مندسين، بين خوف البوح وسحر الكلام، بين فيض، ودمع وأحيانا كثيرة تردد، منعزلين بالفطرة، وينجزون بصمت، فهؤلاء أبعد ما يكون عن الصخب، والضوضاء، والصراخ.
الصامتون يستمعون جيداً لأصواتهم الداخلية، وصراخهم الذي ينبض بين ثنايا أرواحهم، يتعاملون مع الأحداث والحياة الواقعية ببرود مصطنع أحيانا، بالتالي يجازون بالجروح والعتب، لان الاخر ين ينظرون إليهم بعين مثقوبة، ويتعاملون معهم بازدراء، والكثير من الغضب تجاه برودهم.
لنتوقف لحظة واحده، ونتراجع خطوة إلى الوراء للنظر إليهم بعين الرحمة والاختلاف والعدل، لا الشفقة، نأخذ بيدهم قليلا، ونمارس معهم الحقوق الإنسانية لأنهم اختلفوا وتميزوا بالهدوء، الصمت، والكثير من الحكمة تجاه الحياة، وعراقيلها، مشاكلها وهمومها، هم يعانون ولكن معاناتهم تخرج على شكل دموع منهمرة، تفيض في الخلوة، بعد أن نتراجع خطوات إلى الوراء وننظر بعين واعيه لهم، سنعلم جيداً أنهم أكثر الأشخاص طيبة، واتزانا وإنسانيه، لهم جوانب إبداعية مخفيه، نراهم يميلون للعزلة لممارسه فنونهم، وجنونهم اللامتناهي في الكتابة، والرسم، والتصوير، والكثير الكثير من الهوايات التي تنبع من دواخل هؤلاء المتهمون.
الحياة قاسية، ولها أسنان حادة تنخر جوانب البشر، البعض منهم يستطيع أن ينجو بقوة، وجبروت، سلطة، وتحدي وصراخ، وهناك المستسلم البائس الذي يواجه الحياة بتذمر، ووحشه، وأحيانا بهروب مفتعل، ولا مبالاة واعية.
الصامتون، يعيشون كل أنواع الضغط، النفسي والاجتماعي وغيره، ولكن ردات أفعالهم تكون داخليه، محجوبه عن العالم، لأنهم لو أخرجوا ما يشعرون به لذابت كل المشاعر وتلاشت الاحتجاجات وعاش الطرف الآخر لواماً.
البشر أجمع لديهم ردات فعل، وممارسات مختلفة، وتنوع، وتميز، ولكننا دائما نحن البشر نميل للصاخبين، ونهابهم، رغم أن البعض منهم لا يحمل إلا صوت عالي، وهو خاو من داخله، مهشم، ويعاني من نقص، بالتالي تتجمهر كل قوته في صوته، أما الطرف الذي لا يتكلم أو يتحدث كثيراً، أفعاله وإنجازاته تنطق بالنيابة عنه في كل المحافل، وتصنع منه أسما براقا بالهمس والصمت.
علينا أن نحاول بين فينة وأخرى، أن نتجرد من العتب والملامة ونتجه بالقرب من الصامتين، نشعرهم أننا معهم ونتفهم أطباعهم، ولا بأس أن نستمع لهم بطريقة مختلفة، وان نخترق ذاك الهدوء بالقرب (الحسي) الذي يعبر عن ألف لغة أو حرف.
لنعلم يقيناً: (البوح عند الصامتين، هلاك)
تعليقات
إرسال تعليق