زهرة نبتت من صخرة

 

قد تكون العناوين مثيرة للتساؤل وأخرى للجدل، وبعضها مثيرٌ للشفقة، ولكن يا عزيزي القارئ، الزهرة في عنوان اليوم، قد تكون أنت، أو شخص ما من حولك، أثار إعجابك في لحظه من حياتك، وجعلت من قوته منهاجا لك، أو سببا في تغير نمطيتك في التعامل مع الحياة، والمواقف والبشر.

وهي رمز رغم رقتها للثابتين والأقوياء أيضا والذين حاولوا بكل ما يملكون من قوة أن يتماسكوا ويبتسموا ويبتهجوا في هذه الحياة، رغم مرارة الأيام وصعوبة الليالي عليهم فنرى علامات الرضا على وجوههم، أما رمزية الصخرة فهي الظروف المحيطة.

القصة تقول، أصيبت أحد الأخوات بالسرطان، هذا المرض الذي حرمنا الأحبة، ويعاني منه كُثر، فملامحهم سُرقت منها الحياة، بسبب تأثير العلاج القوي على أجسادهم وملامحهم وضفائرهم وأرواحهم، فالبعض منهم أخذ هذا المرض بتحدٍ، والبعض باستسلام، ومنهم بعدم الرضا والعياذ بالله، ونتلمس بعضهم فقدوا المتع لأنهم تشربوا الموت مع العلاجات القاهرة لهذا المرض، ولكن الأعراض الجانبية قد تكون أشد مرارة على النفس.

نرجع لصاحبة القصة، وطريقتها في تلقِ خبر إصابتها بالسرطان، قالت: عندما تم اكتشافه ابتسمت، وبكيت، وابتسمت، ثم رضيت وحمدت الله على هذه النعمة، فالمرض جند من جنود الله، ظاهره ألم وتعب، وفي بواطنه الخير الكثير ونحن لا نعلم. تقول: تعاملت معه بجدية وصبر، وطلبت من المحيطين حولي بأن يكونوا ايجابيين أكثر مني، حتى أنعم بالإيجابية معهم، وكانت تقول "إن الله لن يخيب ظني، لأن بيني وبين الله تجارة لن تبور". 

كيف؟ تساءلتُ.

قالت: عندما كنت أتصدق، وأساعد الناس، أبتسم، أجبر الخواطر، بارة بوالديّ، أساعد المحتاجين فهذه تجارة، وادعوا الله كثيرا في الرخاء، وأدعوه منذ صغري بأدعية أدخرتها لهذه الأيام التي ستصعب علي، كالمرض والمعاناة والأدوية والعلاجات والمراجعات، ولكن النتيجة التي حصدتها إن الله لم يتخلَ عني في أشد الأيام مرارة، لأني كنت معه في الرخاء والشِّده وماكنت أبنيه مع رب العالمين كنت أراه، فالكيماوي مَرَّ على جسدي بردا وسلاما، والحمدلله رب العالمين شفيت منه تماماً بفضل من الله.

بعد هذه القصة الملهمة، والتي جعلتني أتفكر في حالي وخجلت من نفسي، وحال من حولي، باستعجالنا الفرج وقلة الصبر في المصائب والمصاعب، فالله هو الرحمن الرحيم الجابر الشافي المعافي، فلماذا لا نجعل التجارة مع الله الضمان والربح لذواتنا ولحاضرنا ومستقبلنا في الدنيا والآخرة، وأن نستلهم من تلك القصص ونجعلها مصدراً لنا للثبات والاتزان والسعي والمبادرة في الخير حتى الممات، فجبر الخواطر له أجر عظيم فكيف لو قُرن هذا الفعل بنية الصدقة، ونية تخفيف المصائب التي قد تحصل، ونية الفوز بالجنة، فالتجارة مع الله لن تبور أو تُفنى، أو تُنسى.

 

آخر الكلام:

عندما نتقوى بالله، ونؤمن بقدراتنا ونتقبل أنفسنا في حالات الضعف ونرضى بما كُتب لنا، ونحسن التعامل مع المصائب، هنا ستحصل المعجزات، وسنزهر وإن كانت كل الظروف صخور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشغف الشعوري !

أأنت عربي: “yes”

"إنما صنعوا كيد ساحر"