داء الاستحقاق !

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح تساءلت حوله كثيرا هو ارتفاع سقف الثقة عند البعض “الاستحقاق العال" لدرجه أنهم يتناسون أنفسهم وينظرون للأخرين بنظره دونيه ويتعاملون باستحقار بعيدا عن الاستحقاق الحقيقي للذات، والتوازن الواجب عليهم اتباعه مع النفس حتى لا تفقد هويتها وصوابها، لتأخذهم مع الوقت إلى منحنى آخر بعيد كل البعد عن المصداقية مع الذات، وتهذيب النفس المطلوب، حتى أصيبوا بهوس أو داء الاستحقاق العالي.

مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة على نشر الكثير من المصطلحات التي تدس السم في العسل، وتلاقي شعبيه وقبولا بين الناس، لان خارجها صحيح ولا تقبل النقد، ولكن عندما نغوص في غمارها نكتشف اننا وقعنا بأضحل نقطه مع ذواتنا التي لا تشبع من تلكم الكلمات، لأنها تغذي جوانب مخفيه من العجب والغرور واللامبالاة، والتي تحتاج لمراقبه منا وتهذيب.

الاستخدام الخاطئ للكثير من المصطلحات أنتج أو خلق شكلا جديدا من الشخصيات القوية خارجيا والضعيفة من الداخل، والتي ترفع سقف استحقاقها بشكل مبالغ، ليطغى ذاك الجانب ويؤذي الاخرين بشكل أو باخر، فهذا الاغتراب عن الذات جاء بشكل ممنهج، فغرق البعض بافتخار في ذواتهم، وقاموا بصنع أمور مخزيه ومشوهه، لهم أصوات عالية وبلا هُوية، وتصرفوا بخزي كما نراهم من خلال بعض القنوات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتمرد الكثير منهم على الأعراف والتقاليد وخلقوا هاله مشوهه من الدين التي ستسقط عندما يدركون معنى هذه الآية الكريمة "لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا".

الحياة لا تطلب منا كل هذا الانسلاخ الأخلاقي، ورفع قيمه واهيه للذات، والسعي خلف كل مصطلح يظهر في الساحة العامة حتى نظهر بصورة حداثيه، متطورة، تهاجم الجميع إلا هذه النفس لا نقف وقفه حقيقة أمامها، لنكتشف عندما نغوص في الأعماق أن هناك الكثير من الإخفاقات والخلل النفسي الذي بحاجه إلى العلاج والمجاهدة، والثبات وهو صنيعه أعمال مستمرة وهداية من الله لردع هذه النفس عن السوء والعجب والتكبر.

وهنا تفسير لهذه الآية العظيمة من سوره الانسان: "هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا"، الله يخبر الإنسان أنه مضى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، أي: قبل خلقه، قبل خلق جنس الآدميين كانوا في عالم العدم، لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وقبل خلق الإنسان المعين، يقول: أنت أيها المخلوق، أيها الإنسان المتكبر، لماذا تتكبر وقد كنت لا شيء؟! لم تكن شيئاً يذكر ثم صار حولك هالة، وصرت تعظم نفسك، وتريد من الناس أن يعظموك، وأن يقوموا لك في المجالس، وأن تخضع لك نفوسهم، وتذل رقابهم، لماذا هذا كله وأنت لم تكن شيئاً يُعبأ به أو يُكترث به أو يذكر؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشغف الشعوري !

أأنت عربي: “yes”

"إنما صنعوا كيد ساحر"