أأنت عربي: “yes”

 

عجبي، ويا أسفي، حاولت أن أترك الموضوع يمر، وكان عبوره كالعلقم أيها الأعزاء، حاولت أن أتملص من شعور الخيبة، كان الهم أكبر من الانفعال، لم أستطع أن أغير شيء في تلك اللحظة، كنت أردد أعرب نحن أم أعاجم !

 

عندما ينخر التطور والتقدم في اللغة العربية، هل علينا أن نقف مكتوفي الأيدي ونقول عليها السلام؟، عندما لا يستطيع طفل عربي من أبوين مسلمين أن يكتب أو يعبر بلغته الأم العربية، ويشعر بالخجل والارتباك ويقول بلهجة مفككه مرتبكه، "لا أستطيع أن أكتب بالعربية" بأي لغة تريد أن تكتب، يحتار ويشعر بالخجل ويقول: "الفرنسية، الإنجليزية...".

 

وقفت هنا وتساءلت، كيف سيرتب أفكار دعاءه، ويتهجأ القرآن، يخطأ ولا يصّوب، ويقوم بترجمة أفكاره بلغة "غير العربية" ومن ثم يواصل في حديثه، قصصه وحكاياته التي تنتهي بلغة غريبة غير محببه لعشاق اللغة، ولا يفهمها البعض الأكبر سنا أو غير الدارسين للغات الأخرى.

 

إلى متى ونحن نقف مكتوفي الثقافة، نمتلك من البلادة واللامبالاة الكثير، القرآن لا يتلى في بعض البيوت العربية كما أنزل، وعند التلاوة علينا تلاوته بصورة صحيحة، لا تقبل العذر أو المسامحة إلا على جاهل أو سفيه، وكيف نقبل السفه على أنفسنا ونحن ننحدر بلغتنا العظيمة إلى منزلق خطير جدا يؤثر أولا وأخيرا على الصلاة، والترابط الأسري في البيت الواحد، ومن ثم يتقلص الحوار في البيوت بسبب ضعف لغة الحوار، وهذا ما يساهم إلى انسلاخ اللغة العربية في البيوت العربية.

العجيب عندما قمنا بقراءة قصص بالعربية على مجموع من الأطفال في أحد المناسبات العامة، لم يستطيعوا الاندماج لعدم وجود لغة ربط بين ما يسمع وبين ما يفهم، بالتالي جاء الإنقاذ الطامة من الأهالي "طفلي لا يفهم العربية".

أأنت عربي: "نعم".

اللغة العربية لغة عظيمة، والحداثة والتطور لابد منهما لمواكبة العالم، ولكن علينا أن نعزز الدين، والقران واللغة العربية في البيت، ونقاوم التدخلات الخارجية التي قد تؤثر على شبابنا وبناتنا، نعم نتطور، نعم نتحدث بأكثر من لغة، ونكتب، ونعبر ونفكر، ولكن نحن ملزمون أن نقرأ كتاب الله كما أُنزل، بفصاحة وطلاقة، وفهم بسيط لمعانيه حتى نتبع الأوامر ونتجنب نواهية.

الموضوع ليس بسيطا ولا أبالغ، وعلينا أن نناقش أنفسنا أولا، وأخيرا ماذا قدمنا للدين؟، وهل نحمل هم اللغة العربية في دواخلنا؟، هل بالفعل حاولنا أن نتطور ونتعاون مع التحديات الكبيرة بتحدٍ أكبر؟، بدون أن نتنازل عن هُويتنا الدينية ولغتنا.

مازال هناك وقت، ومازال لدينا حياة لنحيي الأمل، ونتعلم أن نجدد هُويتنا في المنزل، ونحرص على التربية التي لا تخلو من تعزيز اللغة العربية كلغة أم "للتعبير، والطلب، والتفكير والمخاطبة" في المنزل الواحد، دون استخدام أي لغة أجنبية في الحديث والحوار والمصارحة.

لماذا نجعل أطفالنا مرتبكين عندما نبدأ بالتحاور معهم؟، لماذا لا يستطيع خريج الجامعة أن يكتب كتابا أو تقريرا خاليا من الأخطاء؟، لماذا لا يقوم المسلم اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي بالتواصل بلغته، دون إضافات "تهريجيه" لتبسيط اللغة!.

هناك طرق عديدة ومتنوعة أيها الأعزاء للحفاظ على الهُوية الدينية العربية قبل انسلاخها، اللغة العربية لا ترتبط بالتخلف والرجعية، بل هي رمز للثبات والثقة والمقاومة، وهي عز وفخر وانتماء وتطور.

الطرق لعلاج المشاكل متوفرة ومتنوعة، علينا فقط أن نحدد مانريده لإنقاذ لغتنا العربية العظيمة.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشغف الشعوري !

"إنما صنعوا كيد ساحر"