أحلام... ك؟
الكثير من الأحلام عُلِقت بأسقف غرفنا ليلا، نصحو كل يوم على أمل أن تتحقق ولا يتحقق منها إلا الشيء البسيط الذي لا يشبه أبدا اتساع أحلامنا، تخيل أنك الآن في غرفتك وأصابعك الصغيرة تشير إلى السقف، من هو بجوارك لا يهم، لأنك مندمج مع حلمك حد الضحك والتبسم تجاه كل ما خلقته تلك المخيلة التي تنبض بكل شيء حي، بعيداً عن التكلف أو المجاملات، تحشر أحلامك في مخيلتك بفخر وأحيانا بتمرد، وكثيراً ما كنت تبكي أو تتباكى وتدعو الله خفيه يا رب هذا الحلم ولن أطلب غيره، فينتعش بداخلك شعور التمسك بالحياة والبهجة.
بماذا كنا نحلم؟ وكم من أحلام امتدت ونحن نفكر بها ساعات وأيام، وكنا نصيغها بطريقة قابلة لأن تتحقق، ونحلم كنوع من التمرد على أنفسنا وأهالينا، ويأتي المساء نستمر في الحلم بعد الحلم دون أن نزهق أو نتعب، لأن شعاع الحياة مازال ينعش أفئدتنا، وكان الفرح الطريق الحي لكل حلم حينها، وكانت أقصى طموحاتنا دراجة، أو فستان أبيض، والبعض الآخر طائرة ورقية تشبه صباحات العيد، كلها بهجة وانشراح ولقاءات وحلوى لا تنتهي لذتها.
لماذا لا نستمر هكذا مع أحلامنا حينما نكبر؟ مع أول صراع في الحياة نكافئها بالإبادة، ونحاول بكل الطرق أن نهدم ذاك السقف المزين بأحلامنا والممتلئ حد الانفجار، الجميلة والقبيحة، الجيدة وغير الناجحة، المحققة أو التي لن ترى النور.
أحلامنا كانت صنيع خيالات خصبة لم تتأثر بصخب الحياة أو المدينة أو بتلك العلاقات الأسمنتية التي لا تملك ذره من الأحاسيس جامده وصامته، اليوم نتعامل مُرهَقين مع بعض البشر السلبيين والمحبطين حتى تستمر الحياة، لنُسحق بعد زمن بفخ المجالات، الذي يكون على حساب الكثير من أحلامنا وأنفسنا، بهجتنا وسعادتنا العفوية.
لنعود للأحلام، وشقاوة التفاصيل التي كانت تسعدنا، لماذا لم نعد نبتهج بالحلم؟ ونسعى بكل حب وحب أن نحققه، ليس التحقيق العادي، بل الذي لا يحرمك المتعة والبهجة والضحك والأنس، وأن نجعل من تلك الأحلام متنفساً نستشعر من خلاله الحياة والوجود، قد تكون فكره الأحلام طفوليه، ولمَ؟ نحتاج اليوم لإظهار الطفل الذي اغتلناه بشتى الطرق والأساليب، وقمنا بطمس معالمه بشكل أو بآخر وأصبحنا عاجزين عن سرد أحلامنا مع ذواتنا، منغلقين على أنفسنا، فاقدين البهجة، والضحك المتبوع بالشقاوة والتمرد الذي ينتهي بغزوات منتصرة نهاية اليوم، أو أن نظل مقيدين وتستمر معاناة العزلة مع الروح والذات ونطمس أحلامنا ونعيش بلاها.
نحتاج أن نترك سقف لأحلامنا، فحلم "أعزل" بالأمس سيصبح يوماً حلم "أكمل".
تعليقات
إرسال تعليق