الكرسي الموقر، مع التحية
هناك الكثير من الأسئلة التي أود أن أسألك إياها الكرسي الموقر، حيث أنك لازمت أفكاري، وبت أطرح على ذاتي بعضا من الأسئلة، فلقد أثرت فضولي على نحو مستغرب.
لماذا يتزاحم حولك مدعين النجاح، ويتقافزون للجلوس عليك؟، بلا قاعدة بلا أذرع لايهم، الأهم الوصول إليك.
أيها الكرسي الموقر،
هناك من حركك لأحدهم تملقا في أحد المناسبات الدولية، وبعدها نُصِّب ذلك الشخص ليكون مديرا.
وهناك فتاة خجلى، من فرط خجلها وحبها لمساعدة الغير، احتضنت سيدة كبيرة وقدمتها على نفسها وأجلستها على كرسيها، وبعدها توجت هذه الخجلى وتزوجت من ابن تلك السيدة بسببك أنت.
أنت أيها الجامد، الصامت، الكثير من الاشاعات، القرارات، والحروب، والدمار، والإبداع والتنفيذ والتخطيط لا تحدث إلا بوجودك، أتعلم ذلك؟، أما الأشخاص حولك هم المتغيرون حسب الحاجة، المنصب، المصلحة، الغاية، الابداع، لا يهم الأهم ثباتك.
ألم تساءل نفسك، لماذا كل هذا الضجيج حولك؟، ولماذا يجلس هذا، ويصعد هذا؟ يتغير المحيط، الأوراق تكشف، والأسرار، وأنت صامد جامد لا تتكلم، ولكن مكانتك غاليه، وصعبة أحيانا لا تُستطاع أو تُدرك.
أيها الكرسي مع التحية،
أريد أن أحييك، على هذا الصمت رغم الاختلاف والاتفاق، والظلم أحيانا، والشر، الكل يتهافت إليك بقوة، بتسلق بتملق، وأنت لا تتحرك، رغم قوتك وثباتك العجيب المستغرب في عالمنا هذا.
البشر كثر، وطموحاتهم تصل لعنان السماء، ولكن هناك من لديه فرط شعور تجاهك، يتجاهلون العشرة، الصداقة، الأمانة والشرف، يتغيرون حسب الجلد المستخدم لك، ويتلونون أحيانا، وتراهم في وقت الحق صامتون وبلا أفواه، كأنهم أنت.
قال لي والدي رحمه الله، المناصب ككرسي حلاق، الكل يجلس على هذا الكرسي مهما عظم شأنه، ومكانته، ومهما كان إنسانا بسيطا أو معدوما.
ولكن لماذا يتناسى البعض ويتجرد من إنسانيته في التعامل والرقي مع الآخر؟، يلغي كل العلاقات، والآمال والطموحات، بشكل غريب جدا، وكأنه يدعو للحروب والفتن، وهناك من ينسى نفسه رغم تقلده أعظم منصب، يساعد، يعمّر، ويسهر لأجل الغير كأن الغير جزء لا يتجزأ منه.
والبعض يحاول بكل الطرق الفوز، من خلال النفاق، والكذب ومتى سنحت له الفرصة لذلك، يتوددون إليك أيها الكرسي الفاضل، ومنهم لا يحتاج إليك أتعلم، لأن له عين ساهره، وأياد ممتدة للعطاءات اللامحدودة.
آخر الكلام:
الكرسي قد يرفع من مقامك، ويعظّم من شأنك، لكن ستظل إنسانيتك هي مقياسك في هذه الحياة، فهناك مجالس مكتظة بالكراسي بلا أُناس، وأخرى مجالس عامرة وهي بلا كراسٍ.
مريم بنت جاسم
تعليقات
إرسال تعليق